السبت، 1 سبتمبر 2012

حوار الإعلامي والباحث المصري د. محمد عبد الوهاب



الإعلامي والباحث المصري محمد عبد الوهاب
القاهرة ـ سارة درويش

يرى الصحافي المصري، والباحث في شؤون التعذيب والاغتيال السياسي، الدكتور محمد عبد الوهاب، أن الصحافة في مصر والوطن العربي فقدت فاعليتها، وتأثيرها بسبب "الصحافيين الانتهازيين الذين كسروا قلمهم بأنفسهم حين انصرفوا عن الكتابة عن هموم الناس ورفع الظلم عنهم ونافقوا أو ضللوا"، فيما يرى أن الصورة ليست قاتمة تمامًا ولازال هناك صحافيين شرفاء، ورأى أن "الضمير" هو الحل لمواجهة فساد المنظومة الإعلامية، وكذلك الرؤية الأكاديمية.
وأيد في حديثه إلى "العرب اليوم" الاقتراح الذي عرضه ناشطون مصريون بالمقاطعة الشعبية للقنوات الإعلامية التي تضلل الناس ولا تحترم عقلية المشاهد. وأيد كذلك فكرة فرض شروط لممارسة الصحافة، ووضع ضوابط للمهنة، واقترح إجراء استطلاع رأي عام، دوري، لتقييم الإعلاميين، والبت في استمرارية ممارستهم للمهنة.
وعن ميلاده ورحلة الدراسة ثم العمل قال الدكتور عبد الوهاب لـ"العرب اليوم": "ولدت في محافظة الجيزة (غرب القاهرة) وترجع أصولي من ناحية الوالد إلى قرية أبو الغيط، في القليوبية عائلة علي الدين، هاجرت إلى أميركا العام 1989.حاصل على درجة الدكتوراة في إدارة الأعمال، أملك دار نشر وهي "نيويورك أوسكار" ويصدر عنها مجلة أوسكار"، أما عن أبرز محطاته الصحافية فيقول "محطاتي كلها أعتبرها مهمة فلولا أهميتها لما تكبدت عناء السفر، لقد كنت الصحافي الوحيد الذي تمكن من الدخول إلى الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وهو محاصر وكدت أموت في هذه المجازفة، كما كنت أول من دخل معتقل الخيام في جنوب لبنان، بعد هروب الجيش الإسرائيلي.
أما الشرف الأكبر الذي لا يضاهيه شرف، هو شرف جلوسي على باب الكعبة المشرفة، إلى جوار سدنة بيت الله الحرام، بنو شيبة، أعزهم الله، في وقت غسيل الكعبة المشرفة، فأنا الوحيد الذي أولوه هذا الشرف من غير السدنة".
وعن رحلة السفر، والعمل في أميركا يحكي دكتور عبد الوهاب "منذ صغري وأنا أحب السفر، وكانت أميركا من الدول التي أحببت أن أتعرف عليها كمجتمع مهاجرين، لأن كل شخص هناك يستطيع أن يجد فرصته. وبالفعل سافرت إلى أميركا، وتعلمت هناك، وأردت أن أكون أستاذًا جامعيًا، وبعد تخرجي دَرّست التسويق. وكنت أتبع المنهج الإسلامي في التسويق، فالمسلم لا يخدع أحدًا، يعرض السلعة بمميزاتها وعيوبها وللمشتري حق الاختيار، كنت أعلم طلابي ألا يكون كل همهم جذب العميل. ولكنني لم أستمر في التدريس بسبب إعاقة سمعية، زادتها أصوات القنابل خلال تغطيتي للحرب في العراق".
وعن رحلة السفر، والعمل في أميركا يحكي دكتور عبد الوهاب "منذ صغري وأنا أحب السفر، وكانت أميركا من الدول التي أحببت أن أتعرف عليها كمجتمع مهاجرين، لأن كل شخص هناك يستطيع أن يجد فرصته. وبالفعل سافرت إلى أميركا، وتعلمت هناك، وأردت أن أكون أستاذًا جامعيًا، وبعد تخرجي دَرّست التسويق. وكنت أتبع المنهج الإسلامي في التسويق، فالمسلم لا يخدع أحدًا، يعرض السلعة بمميزاتها وعيوبها وللمشتري حق الاختيار، كنت أعلم طلابي ألا يكون كل همهم جذب العميل. ولكنني لم أستمر في التدريس بسبب إعاقة سمعية، زادتها أصوات القنابل خلال تغطيتي للحرب في العراق".
 وتوقفنا عند محطة أخرى من حياة الدكتور عبد الوهاب العملية، وهي المشاركة في عدة أعمال سينمائية، كممثل، في بعضها، ومساعد مخرج في أخرى، ويحكي عند بدايته في هذا المجال "بدأت مع المخرج المصري العظيم نور الدمرداش، كمساعد مخرج، وتعلمت منه كثيرًا، وكنت أهوى التمثيل وأتمنى أن أمثل في السينما، وذات يوم قابلت المخرج الأستاذ أشرف فهمي، وكلمته عن رغبتي في التمثيل وكان بالصدفة يبحث عن شخص بمواصفاتي لدور في أحد أفلامه، وبالفعل اشتركت في الفيلم وأديت الدور جيدًا"، وأضاف "ابتعدت عن التمثيل على الرغم من أنني أحببته جدًا، ولكنني كرهت الوسط والمناخ، ليس هو الذي أتمنى أن أكون فيه، ولأسبابٍ أخلاقية، فضلت أن أبتعد عن أن أخسر احترامي لنفسي".
و بينما نتصفح ألبوم خاص بالدكتور عبد الوهاب، حدثني عن صورة جمعته مع الممثل المصري، عادل إمام، خلال جلسة في أميركا، فأبدى استياءه من إمام وحكى عن الجلسة، التي قال إنها كانت الأولى والأخيرة معه: "فوجئت به يسخر من معجبيه بعد انصرافهم، وخلال الجلسة فوجئت به يدعي أن الخمر حلال بما إن الجنة فيها أنهار من خمر، وواصل سخريته وقال إنه يوجد غلمان للخدمة في الجنة إلى جانب الحور العين ثم قال" نسوان وغلمان دي هتبقي جنة مسخرة".
وفي السياق نفسه، وعن محاكمة إمام بتهمة ازدراء الأديان، في نيسان/ أبريل الماضي، والتي أثارت ضجة في الوسطين الثقافي والفني، خوفًا من تهديد حرية التعبير والفن قال "هناك فرق بين حرية التعبير، وبين أن أسيء لمعتقد أيَّا كان، ليس من حقي كمسلم أن أسيء حتى إلى الهندوسي الذي يقدس البقرة. المسلم من سلم الناس لسانه، وأنا أحترم معتقد كل إنسان أيًّا كان. ومن يسيء إلى أي معتقد هو شخص غير سوي وليس فنانًا. فالفنان يجب أن يكون أرقى".
وأجاب عن تساؤل بشأن الاتجاه الداعي إلى الفصل بين ما يقدمه الفنان، وتصرفاته الشخصية بأن "شخصية الإنسان وفنه شيء واحد، الشخصية هي اللي تنتج الفن، إذن كيف أفصل بين الاثنين؟ كيف أظهر في أدوار دينية والناس يشاهدونني  في أماكن مشبوهة ليلاً؟ النجم قدوة ويجب أن يحترم أنه كذلك، وأن يفكر في الشباب المغيب، معدوم الشخصية، الذي قد يقلده.
الفنان صاحب "الكاريزما" يجب أن يستغلها لكي ينشر رسالة عليا. لهذه الأسباب تحولت السينما الآن إلى مجرد "شاب وبنت عايزين مكان ضلمة، ثم يقال إن الفيلم ناجح وحقق إيرادات".
 وعدنا بدفة الحديث مرة أخرى إلى الإعلام، فقال عن الفرق بين الإعلام في مصر ونظيره في أميركا "هل لدينا إعلام في مصر؟؟ أنا أرى الإعلام في الخارج يعرض الحقيقة، لكن الإعلام في بلادنا الآن قائم على حسابات "كم من الثروة يمكن أن أحقق من خلال الإعلام؟".  هل إعلامنا توفيق عكاشة؟ الذي ينتظر المشاهدون برنامجه ليضحكوا عليه، جعلني أخجل لكونه مصري، هو بالنسبة لهم "الرجل الذي يقول كلام مضحك"، وتابع "وهناك من يصدقونه لغياب الوعي، لأن الجهل يفعل أي شيء".
وعن السبب في غياب التأثير الملموس للصحافة والوطن العربي، في معالجة قضايا المجتمع، أو محاربة الفساد قال"الصحافة في الوطن العربي غير مؤثرة لأن الصحافي الانتهازي، الذي يتناسى حق المظلومين، ويكتب عن أشياء أخرى تافهة، أو ينافق، هو الذي يقصف قلمه بنفسه، ويكسر سلاحه ويخسره"، واستطرد "ولكن الصورة ليست قاتمة، لازال هناك شرفاء، لا يمكن شرائهم".
وعن تصوره للإصلاحات التي نحتاجها لتغيير الوضع القائم قال "نحن في حاجة إلى أن يغير كل صحافي من نفسه، ويتولى رئاسة التحرير صحافي أكاديمي، يعرف ما هي الرسالة التي يجب أن يوصلها للناس. نحتاج إلى الضمير".
وأيد الدكتور عبد الوهاب الاقتراح الذي دعا إليه ناشطون مصريون إليه العام الماضي، بالمقاطعة الشعبية للقنوات التي تضلل الرأي العام، وأن يرفض النشطاء والضيوف الظهور فيها، وقال "قرأت في مكان ما أن توفيق عكاشة يقول، إن له 2 مليون مشاهد وأنه يتقاضى 22 مليون دولار في الساعة. إذن لو إن الذين يشاهدونه من أجل "شو كوميدي" شاهدوا فيلم كوميدي، وتقل نسبة مشاهدته أو تنعدم لن يستمر، لأنه لن يجد معلنين. الناس لو قاطعت التفاهات ستجبر الإعلاميين على احترام عقلية المشاهد".
وأيد كذلك فكرة فرض شروط لممارسة الصحافة، وأكد أنه "يجب إخضاعهم لاختبارات متنوعة، خاصة في المعلومات العامة"، واقترح تقييم العاملين في الإعلام بشكل دوري، عن طريق "استطلاع رأي عام، يجرى بصفة دورية، عبر موقع رسمي على الإنترنت مثلاً، في نقاط محددة لا مجال فيها للأحكام الشخصية".
وعن الطريقة الأمثل للقضاء على ممارسات التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، في جهاز الشرطة، رأى الدكتور عبد الوهاب أنه يجب البدء بالتأهيل النفسي المناسب للعاملين في الجهاز، وإذا تكررت الانتهاكات يتم الردع قانونيًا.
ونفى عبد الوهاب تعرضه إلى مضايقات بسبب بحثه في تاريخ التعذيب، ومؤلفاته في هذا الصدد، وفضح الشخصيات السياسية التي تورطت في التعذيب، وقال "أنا ابتغيت بعملي وجه الله، وكشف الظلمة والجلادين وزبانية التعذيب، وأعتبر شأني أحقر من إني أعذب في سبيل الله، التعذيب في سبيل الله رزق لا يناله إلا من اختارهم الله لهذا الشرف".
ورأى أن عهد جمال عبد الناصر كانت الفترة التاريخية الأسوأ على مصر، على صعيد انتهاك حقوق الإنسان والتعذيب.
يذكر أن الدكتور محمد عبد الوهاب، هو إعلامي مصري، ولد في 9 من تشرين الثاني/ نوفمبر 1961. في محافظة الجيزة (غرب القاهرة)، درس إدارة الأعمال في الولايات المتحدة الأميركية، وعمل في مجال السينما، والتسويق، والصحافة، ويرأس تحرير صحيفة "أوسكار نيويورك"، كما يبحث منذ أكثر من 20 عامًا في شؤون التعذيب والاغتيال السياسي، فأسس أكبر متحف لأدوات التعذيب في العالم، والمرشح للانضمام إلى موسوعة "غينيس". كما صدر له أخيرًا، كتاب "بوابة الجحيم" الذي يضم في أكثر من 500 صفحة، تاريخ التعذيب عبر التاريخ.
صورة جمعت د.محمد عبد الوهاب مع الرئيسي الفلسطيني الراحل ياسر عرفات

ليست هناك تعليقات: