الخميس، 12 أغسطس 2010

هنا يرقد المفكر الإسلامي نصر حامد أبو زيد ....حيث القبر بلا شاهد




أهالينا " تنفرد بمغامرة داخل قرية قحافة وتنقل تفاصيل حياة المفكر المصري" .
تتلمذ في كتاب الشيخ "سمك"..وابرز نبوغا في المرحلة الإعدادية .
وفاة والده وظروف الاسرة المادية جعلاه يلتحق بالتعليم الصناعي ..ومن ثم عمل فني صيانة اللاسلكي
آخر كلماته "مصر تزخر بالموهوبيين ..لكنها تزخر اكثر بقاتلي الموهبة "
مغامرة : سارة درويش -رامين فوزي
"قحافة "..قرية صغيرة تبعد عن وسط مدينة طنطا قرابة 5 كيلو مترات , فهي واحدة من الاف القري التي تزخر بشتي صنوف البؤس والشقاء الإنساني في وطن وضع في ذيل قائمة اهتمامته مسمى أناس بسطاء ...وامام الموت لا فرق بين غني او فقير ..بين عالم وجاهل ...وشقي أو سعيد ..ومثلما يقول ابو العلاء المعري "من لم يمت بالسيف مات بغيره ..تعددت الاسباب والموت واحد ".
في هذه القرية البسيطة يرقد مفكر من ابرز مفكرى القرن العشرين الذي رحل في صمت فكأنما كان لرحيله إيذانا بتنفس الصعداء لدى النظام الحاكم . هنا يرقد الدكتور نصر حامد ابو زيد ...لا يعرفه هنا الكثيرون فالاغلبية من البسطاء مهمومون بلقمة العيش والسباق على مقعد داخل ميكروباص ..فلا مكتبة تحمل مؤلفاته ولا مدرسة عليها اسمه ..ولا هو واحد من جيل السياسات الذين أثقلوا رؤوسنا بعبارة "من اجلك انت ". أهالينا ..تتفرد بمغامرة داخل قحافة . المدينة التي رحل عنها صاحبنا –د.نصر حامد ابو زيد – غريبا ليحيا حياة صغيرة بربوع أوروبا فيشهد له أهل الفرنجة



المنزل الذي قضي فيه د.نصر طفولته
 بالعمق في التفكير ويجهله أهله الذين يرقد وسطهم برقاده الابدي ...نلتقي مع بائعات الخضار والسمك ..نسأل الجميع عن المفكر نصر حامد ابو زيد . التفت الينا واحدة وقالت لزميلتي رامين :"آه الدفنة اللى كان عليها لمة ...والله ياختي ما اعرف ده مين"....ورددت بائعة الخضار جملة "كله في التراب هو الدود بينقي "...واستوقفنا رجل بدراجة أرشدنا إلى الغفير لتبدأ من هنا المغامرة عندما وصلنا للمقابر سألنا " الخفير " عن قبر " نصر حامد أبو زيد " نظر إلينا بقلق لكنه دلنا على قبره .فلو لم نسأل لما وصلنا أبداً لأن القبر لم يوضع عليه شاهد الدكتور بعد !

حاولنا أن نعرف من الخفير معلومات عن الفقيد ، أو حتى عنوان بيته لكنه ادعى أنه لا يعرف أي شيء عنه . أثناء مغادرتنا للمقابر قابلنا بالصدفة إبن عم الدكتور نصر ، الذي رحب بنا واصطحبنا إلى منزل العائلة وهناك قابلنا " حامد أبو زيد " ابن شقيق الدكتور نصر ، والذي كان يعتبره ابنا له حيث كان مقيماً معه بالمستشفى أثناء مرضه . وبدأ ابن العم في الحديث عن الجانب الاسري قائلا :"وُلد الدكتور نصر حامد أبو زيد في العاشر من يوليو عام 1943 ، وكان ترتيبه الثاني في أسرته المكونة من ثلاثة شقيقات وشقيقين كان هو أكبرهما . تتلمذ في كُتاب القرية على يد الشيخ حسن سمك ، ثم التحق بالمدرسة الإبتدائية ثم المدرسة الإعدادية التي نجح فيها بتفوق يؤهله للإلتحاق بالثانوي العام لكن لظروف وفاة والده اضطر للإلتحاق بالمعهد الفني الصناعي قسم لاسلكي لأنه يوفر له عمل فور تخرجه . في هذه الفترة كان يؤم الناس في الصلاة في المسجد الكبير القريب جداً من بيتهم بحارة وسط البلد ، وبعد أن أنهى دراسته بالمدرسة الفنية الصناعية التحق بالعمل في مركز شرطة بالمحلة كفني لاسلكي ،


وانتقل وأسرته للمعيشة بالمحلة في منطقة المنشية . أثناء عمله كفني لاسلكي التحق بالمدرسة الثانوية ودرس أثناء العمل حتى التحق بجامعة القاهرة كلية الآداب قسم اللغة العربية . تزوج د/ نصر مرتين ، الأولى كانت أستاذة في جامعة القاهرة وكانت زميلته ، والثانية هي الدكتورة ابتهال يونس أستاذ الأدب الفرنسي بجامعة القاهرة أيضاً ، والتي أصرت على الاستمرار معه رغم صدور حكم من المحكمة بالتفريق بينهما ، وقد ظلت معه حتى وفاته ، -كانت موجودة في بيت العائلة بقحافة لكنها لم تقابلنا لظروف الوفاة وحزنها -. كان الدكتور نصر حامد أبو زيد دائماً ما يسافر في بعثات خارج مصر ، وفي عام 1995 غادر مصر للأبد وقد نوى ألا يعود أبداً لعدم رضاه عن أوضاع البلد ، وحزنه من الإضطهاد الفكري الذي تعرض له
.
لكنه عاد إلى مصر عام 2004 كي يزور شقيقه المريض ، الذي توفي عام 2006 . وعن أحلامه التي كان يتمنى تحقيقها في مصر قال لنا ابن شقيقه الأستاذ حامد أبو زيد أنه كان دائماً ما يحدثه عن أن الموهبين في مصر أكثر من الموهبين في أي دولة في العالم ، لكنهم لا ينالون حقهم أبداً ويتعرضون للإضطهاد ولمحاولة قتل موهبتهم . وكان يحلم باليوم الذي يرى فيه الموهوبين والنوابغ في مصر يتمتعون بما يستحقونه من تكريم ورعاية . سألنا عمن حضر جنازته من المثقفين ومن حضروا لقريته للعزاء فقال لنا لا أذكر بالظبط كل من حضروا لكن من أذكرهم هم د. جابر عصفور صديق طفولته ، وسعيد الكفراوي ود.حسن حنفي وسيد بحراوي .


المسجد الذي كان فيه إماما لاهل قريته





هناك 3 تعليقات:

Mohamed Hesham Safa يقول...

بجد تحقيق جميل جدا وشكرا على الافادة ...

بالتوفيق دايما يا سارة ...

والسـ ختام ــلام

درة 3 يقول...

حبيبتي ساره لي أمنيتين
الاول ان تنشري تعليقي
والثاني ان لاتزعلي مني وتقبلي كلماتي
التي هي : ما توقعت ابدا ان تكتبي موضوع كهذا ...اولا كنت اشعر ولمست فيك الحس الديني العالي
ثانيا رأيت فيك ثقافة واطلاع وسعة افق
ومقالك عن نصر ابوزيد
اما يدل على ان منهجك اما علماني او انك ضحلة الثقافة فلاتعلمي شئ عنه
وانت مافيك هذين الشيئين
يعني ياساره ماعرفتي وما قرأتي نصوصه التي تدعو للتحرر من النص تحت تأثره بعلم الهرمنيوطيقا ؟!!
يعني هل تظني ان من رفعوا عليه الدعوات وحكم المحكمه وكل المفكرين الذين ردوا عليه عندهم سفه او اختلت عقولهم وان نصر ابوزيد مظلوم ؟!!
وعندنا كتباته حيه بيننا تشهد عليه
ومحكمة مصر المحكومة بالقوانين التي ليست على الشريعة رغم هذا لم تر أن للرجل فكر غير الكفر بما بعث به محمد عليه الصلاة والسلام، هو الآن بين يد رب عالم بما في قلب هذا الرجل، وغدا سنرى ونحن في عرصات يوم القيامة أين د. أبو زيد، ولكني أظن أننا سنكون أكثر انشغالا بأنفسنا.

درة 3 يقول...

ظني انك هتنشري تعليقي لاننا لسنا في صحيفة حكومية :)
ما رأيك في هذا الكلام وارجو ان تقرأيه بتمعن
أحد النصوص التي كتبها: " من الواقع تكون النص (القرآن) , ومن لغته وثقافته صيغت مفاهيمه , فالواقع هو الذي أنتج النص .. الواقع أولاً والواقع ثانياً والواقع أخيراً . لقد تشكل القرآن من خلال ثقافة شفاهية , وهذه الثقافة هي الفاعل والنص منفعل ومفعول .. فالنص القرآني في حقيقته وجوهره منتج ثقافي , والمقصود بذلك أنه تشكل في الواقع والثقافة فترة تزيد على العشرين عاماً .. فهو ديالكتيك صاعد وليس ديالكتيك هابطاً ... والإيمان بوجود ميتافيزيقي سابق للنص يطمس هذه الحقيقة ... والفكر الرجعي في تيار الثقافة العربية هو الذي يحول النص من نص لغوي إلى شيء له قداسته . والنص القرآني منظومة من مجموعة من النصوص , وهو يتشابه في تركيبته تلك مع النص الشعري , كما هو واضح من المعلقات الجاهلية مثلاً , والفارق بين القرآن وبين المعلقة من هذه الزاوية المحددة يتمثل في المدى الزمني الذي استغرقه تكون النص القرآني , فهناك عناصر تشابه بين النص القرآني ونصوص الثقافة عامة , وبينه وبين النص الشعري بصفة خاصة , وسياق مخاطبة النساء في القرآن المغاير لسياق مخاطبة الرجال هو انحياز منه لنصوص الصعاليك "