أهالينا تتساءل : من المسئول عن إفساد عقول زهور مصر ؟
· د/ أحمد سالم لأهالينا : " الجامعة أستاذ ، لو الأستاذ محترم تكون الجامعة محترمة "
· " 80 % من أساتذة الجامعة تحولوا إلى تجار كتب "
· " التعليم الجامعي في مصر يتعامل مع عقل الطالب وكأنه سلة مهملات "
· د/ رياض جبر لأهالينا : " النظام كان يعتبر الشعب عدوه الأول ! "
· أ/ محمد عبد الغفار : " النظام كان يختار الأساتذة على أساس الولاء له وليس على أساس الكفاءة "
تحقيق : سارة درويش – معالي جمال – دعاء العطار
في الثامن عشر من يناير عام 1977 هزت أرجاء القاهرة أصداء المظاهرات الاحتجاجية التي التحمت فيها صرخات العمال وصرخات أفراد الحركات الطلابية معاً احتجاجاً على خطاب نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية، الدكتور عبد المنعم القيسوني، أمام مجلس الشعب في 17يناير بمناسبة تقديم مشروع الميزانية عن 1977 حيث أعلن إجراءات تقشفية لتخفيض العجز، ومنها تخفيض الدعم للحاجات الأساسية بصورة ترفع سعر الخبز بنسبة 50 % والسكر 25 % والشاي 35 % وكذلك بعض السلع الأخرى ومنها الأرز وزيت الطهي والبنزين والسجائر وربط هذا بضرورة الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لتدبير الموارد المالية الإضافية اللازمة.
و قد قامت الحركات الطلابية بدور قوي في امتداد هذه المظاهرات الاحتجاجية إلى سائر أنحاء البلاد عن طريق سفر أعضائها من أبناء الأقاليم إلى محافظاتهم لحث ذويهم ومعارفهم على المشاركة في الاحتجاجات ، وبالفعل اندلعت مثل هذه المظاهرات في مدن الأقاليم في المنصورة والمنيا وقنا والسويس وفاقوس وأسوان ، مما أرغم الحكومة على التراجع عن قراراتها في الساعة الثانية والنصف يوم 19 يناير عام 1977 .
ولكن ، بعد أن أدرك السادات مدى خطورة هذه الحركات الطلابية وقوتها ، التي كانت تشارك في الحياة السياسية بشكل فعال جداً منذ أيام الاحتلال البريطاني ، وكان لها دور فعال جداً في ثورة 19 ، وأشعلت العديد من المظاهرات في كافة أنحاء مصر عام 1971 احتجاجاً على عدم محاربة إسرائيل حتى ذلك الوقت ، فقرر السادات أن يُقلم أظافر الحركات الطلابية ، فأصدر لائحة 79 ، التي ألغى من خلالها اتحاد طلاب الجمهورية الذي كان يعبر عن الحركة الطلابية المصرية ، كما ألغى السادات اللجنة السياسية في اتحادات الطلاب و حرم كافة أشكال العمل السياسي داخل الجامعة .
ثم تولى بعده مبارك الذي كان متخوفاً من الحركة الطلابية المصرية فأصدر ضدها قرار في تعديله للائحة 79 عام 1984 بموجب هذا القرار أصبح الأمن الجامعي لا يتوقف على حماية منشآت الجامعة فقط بل و"أمنها" وبالطبع لم يحدد حسني مبارك ما هو المقصود بكلمة أمنها و تركها مطاطة حتى يسهل مهمة الأمن الجامعي في اعتقال و شطب من الانتخابات و مضايقة أي طالب جامعي .
ومع تراجع الحركات الطلابية ازدهرت وانتشرت في الجامعات الحركات المتأسلمة اليمينية التي ساهم السادات في تقوية شوكتها والتي – للمفارقة – جاء مقتله على يديها ، وهنا تراجع التوجه الاجتماعي للحركة الطلابية، واقتصرت على المطالب الطلابية الفئوية، ومن حين لآخر تنظيم وقفات لمساندة حركة حماس في صراعها داخل فلسطين، وتحولت الشعارات إلى "فلسطين إسلامية" و"خيبر يا يهود ، وربما لم يخرج عن هذا الإطار إلا المظاهرات الطلابية التي خرجت احتجاجاً على الغزو الأمريكي للعراق عام 1998 والتي ضمت ـ وقتها ـ مختلف التيارات الطلابية والشعبية معا وحينها قاومتهم السلطة بكل عنف حيث ألقت عليهم القنابل المسيلة للدموع و أطلقت كلابها البوليسية و ضربتهم بالمياه .
ومنذ سبتمبر 2000 حين اندلعت المظاهرات الطلابية في مصر احتجاجاً على اقتحام شارون للمسجد الأقصى لم نلحظ للحركة الطلابية نشاطاً يُذكر ، ولوحظ انحدار المستوى الثقافي للشباب وانحسار مشاركتهم السياسية والاجتماعية ، والتي تراجعت على مستوى مصر كلها وليس على مستوى الطلاب فقط ، حتى بدأت بوادر الصحوة في عام 2006 حين بدأ الشباب في الاعتماد على التطور التكنولوجي متمثلاً في مواقع الانترنت والمدونات والفيس بوك ، وحاولوا الإفلات من قبضة الدولة وقبضة الأمن وحرس الجامعة .
ولأن ما ارتُكِب في حق عقول الشباب الجامعي يُعتبر جريمة ، ومحاولة شرسة لتغييبه عن الواقع وتدمير ثقافته ، التي يترتب عليها تدمير ثقافة ومستقبل وتطور البلد كله ، حاولنا أن نقترب أكثر من الصورة ، ونكشف خبايا وأبعاد المؤامرة التي حاكها النظام ضد عقول زهور مصر .
من قلب الجامعة المصرية ، قابلنا أكثر من أستاذ جامعي ، وسألناهم عن أبعاد جريمة اغتيال عقول زهور مصر وأملها ، وواجهناهم بالاتهامات التي تدور في عقل الكثيرين نحو أساتذة الجامعة ، وغياب دورهم في إثراء عقول الشباب .
سألنا الدكتور أحمد محمد سالم الأستاذ المساعد بقسم الفلسفة جامعة طنطا : من السبب في تراجع دور الجامعة في المشاركة الاجتماعية والسياسية في المجتمع ؟ هل هو الطالب كما يقول أساتذة الجامعة ؟ أم هو الأستاذ كما يرى الطالب ؟
- أنا أرى أن الجامعة هي الأستاذ ، لو لديك أساتذة محترمين ستصبح لديك جامعة محترمة ، ونحن نعاني من مشكلة حقيقية في كيفية صناعة الأستاذ الجامعي ، حيث أن معظم أساتذة الجامعة هم أوائل الدفعة الذين حصلوا على تقديرات عالية نتيجة قدرتهم العالية على الحفظ وليس على النقد والمناقشة والبحث .
كما أرى أنه من الأسباب الرئيسية لانهيار التعليم الجامعي هو فكرة الكتاب الجامعي الذي حول 80 % من الأساتذة الجامعيين إلى تجار كتب .
أضف إلى ذلك تحول الجامعة إلى مؤسسة أمنية ، فامن الدولة يتدخل في اختيار عميد الكلية ، وتعيين المعيدين في الكلية يتوقف على تقرير من أمن الدولة ، وتعيين الأساتذة كذلك ، وحتى استضافة أساتذة من خارج الكلية لإلقاء محاضرات أو ندوة لا يتم إلا بعد موافقة أمن الدولة !
بالإضافة إلى أن النظام كان يريد الاستمرار بأي طريقة ، حتى لو على حساب العلم ، ولأنه لم يكن حريصاً على الارتقاء بالتعليم وبالتالي ، كانت ميزانية الأمن تفوق ميزانية التعليم والبحث العلمي .
* في حوار مع الشاعر المصري أحمد بخيت ، قال لي أنه ترك التدريس في الجامعة لأنه يرى أن التعليم الجامعي في مصر ضد حقوق الإنسان ، ما رأيك ؟
- أرى أن العبارة فيها شيء من القسوة ، لكنني بالطبع أعيب على التعليم الجامعي في مصر أنه يتعامل مع عقل الطالب وكأنه سلة مهملات ، لا ينظر إليه ككيان له عقل وقدرة على التفكير والنقد .
* هل تتوقع أن يتغير أسلوب التدريس في الجامعة بعد ثورة 25 يناير ؟
- إذا نجحت الثورة في إطلاق الحريات سيتطور كل شيء ليس التعليم فقط .
* هذا على الرغم من رأيك في أن 80 % من الأساتذة الجامعيين قد تحولوا إلى تجار كتب ومجرد موظفين ؟
نعم لأنه في ضوء الحرية سوف تفرض الكفاءات نفسها على الساحة وسوف يضطر الجميع إلى تطوير نفسه ، ومن يعجز عن التطوير سيسقط في السباق .
* هناك اتهامات لأساتذة الجامعة بأنهم يتعمدون تصعيب المناهج لشغل الطلبة عن الاهتمام بالسياسة أو المجتمع ، فما رأيك ؟
لا الأساتذة لم يتعمدوا هذا ، المشكلة أن الأساتذة لازالوا يعتمدوا على المناهج القديمة التي قد يرجع وقت وضعها للستينيات والأربعينيات و معظمها بالتأكيد لا يصلح لعصرنا الحديث ، ولكنني أظن أن فكرة اختبارات نصف العام كانت مقصودة لشغل الطلبة بالإمتحانات الكثيرة عن المشاركة السياسية .
أما الدكتور رياض جبر الأستاذ بكلية التربية الرياضية جامعة طنطا فيرى أن " الدولة لجأت لنظام تثقيفي يهدف إلى تربية الشباب على الولاء للنظام ، ولكنه لم يكن جاداً في هذا الاتجاه لأنهم كانوا مهتمين في الأساس بالأمن ، مما جعل الشباب يبحث عن طرق أخرى للتثقيف خارج الجامعة وخارج الإطار الحكومي ، مما جعلهم يفلتون من قبضة الدولة في إفساد ثقافتهم . "
* هل ترى أن النظام كان يتعمد إفساد الجامعة والتعليم ؟
نعم ، بدليل أن بعض الناس حاولت أن تنفذ مشروعات تنهض بالتعليم لكن النظام حاربهم بكل الوسائل حتى يأسوا وملوا . النظام كان يتعامل معنا كالاحتلال ، بل إنه كان يري الشعب عدوه الأول بدليل أن عدد قوات الأمن المركزي – التي تعمل على حماية النظام - أكبر بكثير من عدد قوات الجيش التي من المفترض أن تحمي الوطن من أي عدو خارجي !
وسألنا الأستاذ محمد عبد الغفار أستاذ الصحافة بجامعة كفر الشيخ ما سبب تدهور التعليم الجامعي والدور الوطني للجامعات في رأيك ؟
- أي تدهور ثقافي مرتبط بغياب الديموقراطية وعدم احترام القانون والعدالة ، ومصر خلال الـ 60 عاماً الماضية حتى 25 يناير 2011 لم يكن فيها ديموقراطية .
وإحقاقاً للحق يجب أن نقول بأنه كان هناك هامش من الحرية ، ولكن هذا الهامش لم يكن كافياً لينهض بالثقافة والإبداع .
كما أن النظام كان يختار الأساتذة كما يختار كل العاملين في الدولة على أساس الولاء له وليس على أساس الكفاءة .
* ما ردك على الاتهام الموجه لأساتذة الجامعة بتعمد تصعيب المناهج لشغل الطلاب عن المشاركة السياسية ؟
- لا أظن ، أساتذة الجامعة مثلهم مثل أي مواطن عادي ، يخشى الصدام مع النظام .
* في رأيك : كيف ننهض بالتعليم الجامعي مرة أخرى ؟
لابد من إعادة النظر في منظومة التعليم كلها لتخريج مواطن يصلح لسوق العمل ، وذلك عن طريق تشكيل هيئة قومية لإعادة تشكيل نظام التعليم في مصر والاتفاق على نظام جديد للتعليم ينهض بمصر ، ويجب أن نستعين في هذه الهيئة بعلماء وطنيين مثل الدكتور أحمد زويل .
هناك 4 تعليقات:
لازم المنظمومة التعليمية في مصر تتغير عشان نوصل ليوم من الايام ان مصر تكون من افضل دول العالم في كل حاجة بداية من الصحة والتعليم
وكمان المدارس والجامعات وكمان بداية من السنين التمهيدية للطفل لأن ( من شب عل شئ شاب عليه ) و لازم يكون في معنى حقيقي للتعليم مش مجرد كلام بنحفظه عشان الامتحان وبعدين ننساه وكمان بيبقى معظمه مش مفيد ومجرد حشو للعقول
اتمنى ان الايام الجاية تشهد شكل جديد للتعيم في مصر بداية من الاطفال الى العلماء والمفكرين ..
mostafa_ghaith@yahoo.com
أول مرة أزور مدونتك القيمة .. تهنئتي لك على المجهود المبذول والرائع..
ايه الفائده...
لما نقعد نقول و نعيد و نزيد
ولا تردوا علينا ,,,
انا مش هاقول تاني.
أعطنى تعليما فاسدا أصنع لك مجتمعا فاسدا فمن أين يخرج طبيب يتاجر بألالام المرضى ومهندس يغش فى الأسمنت ومدرس لا يهتم سوى بالدروس الخصوصية ورئيس يخون شعبه أنهم جميعا نتاج تعليم فاسد
الخلاصة التربية قبل التعليم والعلم هو الحل
إرسال تعليق